الأخبارشاهد

ما وراء الاستقبال الحافل للعاهل الاردني في السعودية واستبعاده من القمة الخليجية ؟

تسأل افتتاحية “رأي اليوم” الأربعاء 27 أبريل/ نيسان 2016 حول ما وراء هذا الاستقبال الحافل للعاهل الاردني في السعودية؟ وهل جاءت هذه الحفاوة ردا على استبعاده من القمة الخليجية الاخيرة؟ وهل ستبدد قلقه من جسر الملك سلمان فوق خليج العقبة؟

وفي السياق تعرض الافتتاحية خلفيات الاستياء المتبادل بين عمان والرياض خلال الأشهر الماضية، وصولا إلى استبعاد الأردن من القمة الخليجية التي دعي إليها ملك المغرب وقبلها استبعاده من أفق مشروع الجسر السعودي المصري الذي سينعكس سلبا على خليج العقبة اقتصاديا ومن قبل هذا كله “العالمون ببواطن الامور في الاردن قالوا ان اكثر ما ازعج العاهل السعودي من الاردن، هو عدم ارساله قوات خاصة وبرية للمشاركة في الحرب” في اليمن وفقا للافتتاحية.

وجاء في المقال الافتتاحي:

ليس من عادة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ان يخرج لاستقبال العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، او حتى بعض القادة العرب والاجانب، في مطار الرياض اثناء زياراته المتعددة، الرسمية او المفاجئة، الى المملكة العربية السعودية، ولذلك توقف الكثير من المراقبين عند كسر هذا التقليد امس، اثناء وصول الملك عبد الله الى العاصمة السعودية في زيارة مفاجئة، حيث كان الملك سلمان وعدد كبير من الامراء الكبار في استقباله.

في المملكة العربية السعودية لا مكان للعفوية في الاستقبالات، او الامور البروتوكولية، فكل خطوة محسوبة بعناية فائقة، وكل تحرك او لفتة يتضمن رسالة، حتى “لغة الجسد”، وطريقة السلام والاحتضان والتقبيل، تعتبر مؤشرا لحميمية العلاقات او برودها، ولذلك حرص العاهل السعودي على عدم استقبال الرئيس الامريكي الزائر باراك اوباما في مطار الرياض، واوكل هذه المهمة لامراء، او وزراء في الدولة، مثل وزير الخارجية عادل الجبير، في تجاهل متعمد، بينما حرص على استقبال ملوك وامراء دول الخليج المشاركين في القمة.

العلاقات الاردنية السعودية لم تكن على ما يرام في الايام والاشهر الاخيرة، رغم عدم خروج الخلافات على السطح، وبالتحديد منذ ان تولى الملك سلمان العرش قبل عام وبضعة اشهر، خلفا لاخيه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان يحفظ الكثير من الود للعاهل الاردني الشاب، ويعتبره واحدا من ابنائه تنفيذا لوصية والده الراحل الملك حسين بن طلال.

السعودية في عهد الملك الجديد، كانت “مقترة” في مساعداتها وعلاقاتها مع الاردن، بينما كريمة وحميمية مع الآخرين، الامر الذي جعل العاهل الاردني يبذل محاولات عديدة، من بينها زيارة الرياض اكثر من مرة، او ارسال الدكتور باسم عوض الله صديقه، ورئيس ديوانه الاسبق، الى العاصمة السعودية لكسر حالة “الجمود”، ولكن معظم هذه المحاولات كانت محدودة النجاح.

الاعلام الاردني ليس مثل نظيره المصري، يأتيه الضوء الاخضر من اعلى للهجوم او لتسريب انباء عن احوال العلاقة مع السعودية وتطوراتها، ولا حتى مع الدول الخليجية الاخرى، مثل الامارات العربية المتحدة، فقد تعرض السيد زكي بني ارشيد زعيم حركة الاخوان في الاردن للسجن لعدة سنوات لانه انتقد الامارات، كما جرى سجن صحافيين لانهم هاجموا دولة قطر، رغم تدهور علاقاتها مع الاردن، وهذا الحرص الاردني على عدم اغضاب دول الخليج، والسعودية بالذات، هو الذي دفع وزير الاعلام الاردني السيد محمد المومني الى اصدار بيان في منتصف الليل، يرد على ما نشرته صحيفة الكترونية، تصدر باللغة الانكليزية في اوروبا، ومقربة من احد الدول الخليجية، سربت بعض اقوال العاهل الاردني لاعضاء في الكونغرس، وصف فيها التحالف الاسلامي الثلاثيني الذي اقامته السعودية برئاستها، بانه غير ملزم ورمزي، وهي اقوال ازعجت السعوديين.

كان لافتا ان العاهل الاردني غاب عن الحفل الختامي لمناورات رعد الشمال قبل شهرين، وحضرها في اليوم التالي، كما غُيب عن حضور القمة الخليجية التي انعقدت قبل اسبوعين في الرياض، التي حضرها الملك المغربي محمد السادس، ولم يعلم، اي الملك عبد الله، بأنباء “تنازل” مصر عن جزيرتي “صنافير” و”تيران” للسعودية الا عبر وسائل الاعلام، والشيء نفسه يقال عن الجسر الذي تعتزم السعودية بناءه فوق الخليج ويربطها مع مصر، وهو الجسر الذي قد يدمر المنطقة الحرة في العقبة، وحركة النقل البحري الاردني مع شرم الشيخ، وتجارة الترانزيت الموازية لها.

صحيح ان الامير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، والحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، زار الاردن، والتقى عاهلها في العقبة، وحاول ترطيب الاجواء، واستمع الى “عتب” عاهل الاردن تجاه الجار السعودي، وهي الزيارة التي قدرها الاخير، حسب تأكيد اوساط اردنية لـ”راي اليوم”، من خلال استدعاء السفير الاردني في طهران فجأة، تحت ذريعة عدم وقف ايران تدخلاتها في الشؤون العربية، ولكن هذه الخطوة لم تعط مفعولها، ولم يقم العاهل السعودي الذي زار مصر وتركيا بالتعريج على الاردن في طريقه الى اي من الدولتين.

العالمون ببواطن الامور في الاردن قالوا ان اكثر ما ازعج العاهل السعودي من الاردن، هو عدم ارساله قوات خاصة وبرية للمشاركة في الحرب ضد  “الجيش واللجان الشعبية ” في اليمن، على غرار ما فعل في ليبيا، والبحرين، والصومال، ولكن اثبتت الايام ان رؤية القيادة الاردنية كانت مصيبة في عدم التدخل، بالنظر الى وعورة اليمن واستعصائه على الغزاة.

التصريحات التي ادلى بها السيد عبد الكريم الكباريتي، احد ابرز “دهاة” الاردن في نظر الكثيرين يو امس الاول، وقال فيها ان دول الخليج، والسعودية بالذات، قد لا تجدد منحتها المالية (خمسة مليارات) للاردن، المقرر انتهاء مدتها (خمس سنوات) مع نهاية هذا العام، بسبب انشغالها بأولوياتها المحلية، وهبوط اسعار النفط، ولذلك فان “الشريك التجاري للاردن هما العراق وسورية”، واضاف “شئنا ام ابينا.. ايران باتت على حدودنا”، داعيا الى “ضرورة التعامل مع المعطيات الجديدة”، وهي تصريحات فسرها البعض بانها تحذير مبطن للسعودية ودول الخليج.

اهمية تصريحات السيد الكباريتي لا تأتي من كونه رئيس وزراء سابق، ورئيسا للديوان الملكي، وكان من اللذين لعبوا دورا كبيرا في اعادة ترتيب وراثة العرش في الاردن لصالح الملك عبد الله الثاني، قبل وفاة والده واشتداد مرضه، وانما ايضا لانه خبير في الشؤون الاقتصادية والسياسية الخليجية، ويترأس حاليا بنك عمان الكويت، وترددت شائعات حول احتمال عودته لرئاسة الوزراء قريبا.

لا نعرف ما اذا كانت تصريحات الكباريتي، وهو الرجل الذي صمت طوال السنوات الماضية، من عندياته، ام انها موحى بها، ولكن الامر المؤكد، انها قد تكون لعبت دورا الى جانب عوامل اخرى، في الزيارة الحالية للعاهل الاردني للرياض، والحفاوة التي حظي بها على اعلى المستويات.

زيارة العاهل الاردني للرياض تظل على درجة كبيرة من الاهمية في توقيتها، فالرياض التي تريد تزعم العالمين الاسلامي والعربي في مواجهة ايران، وتخوض حروبا في اليمن وسورية، تحتاج الى الاردن، والاخير الذي يعاني من ازمة مالية طاحنة، وديون خارجية تجاوزت حاجز الـ35 مليار دولار، وعجز في ميزانيته الحالية بأكثر من مليار ونصف المليار دولار، بحاجة الى السعودية ايضا.

المقدمات التي رأيناها في مطار الرياض، والاستقبال الحافل للعاهل الاردني، تشير الى ان النتائج قد تكون ايجابية ومرضية، ويظل السؤال هو، كم حجم هذا الرضى وقيمته ماليا؟

رند الاديمي

ما أمر مواعظ السعداء علي قلوب التعساء ..وما أقسي القوي حين يقف خطيبا بين الضعفاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com