
أحمد سيف حاشد
“1”
جبهة ميدي وحرض والطوال كسرت زحوفات 26 يوم..
قتل فيها أكثر من 830 مقاتل للعدوان ومرتزقته مقابل 37 مقاتل يمني..
رقم خسائرهم في الأرواح مصدرها أسراهم لا غيرهم..
شاهدت في عيون المرابطون هناك قدرتهم على كسر المستحيل وانتزاع النصر..
شاهدت لديهم قدرة خرافية على الصمود والانتصار..
والأهم أن لديهم يقينية بالانتصار لم أرَ مثلها يوما من قبل..
هؤلاء القوم لا يهزمون إلا في حالة واحدة لا ثانية لها وهي أن يخذلهم السياسيين في صنعاء.
“2”
وأنت في الطريق من مثلث عاهم إلى مدينة ميدي ثلاثين كيلو متر .. كانت رحلتنا فيها أكثر من مغامرة.. نعم أكثر من مغامرة..
كانت سيارتنا الوحيدة ولا سواها تقطع ذلك الخط .. كان الطيران قد غادر وكان علينا الإسراع قبل عودته والذي لم يلبث أن يعاود التحليق مرة ثانية وثالثة .. فيما الصحراء المكشوفة والمكفهرة تحيط بنا من اليمين واليسار.
كنت أشعر إن السيارة التي تقلنا تسابق الريح بل تسابق الموت الأكيد..
كنت أشعر أن ضربة صاروخ ستقع على رؤوسنا بين فينة وأخرى..
غبطت صديقي محمد المقالح الذي كان يستقل دراجة نارية..
كانت نسبة احتمال أن يقتلنا صاروخ في السيارة التي تقلنا أنا والقاضي عبد الوهاب قطران 85% بل أكثر.
المنطقة عسكرية والطيران والمدفعية تقصف أي هدف متحرك..
أردت أن أتمرد وأنزل من السيارة وأغضب وأطلب دراجة نارية لأن نسبة الخطر لراكب الدراجة تقل إلى الـ 50% ولكن خشيت أن يرميني أحدهم بتهمة الخوف أو تجوس في صدره وصفي بالجبان..
أخترت الموت وآثرته على النجاة..
ذكرت لحظتها بيت الشعر الذي قتل صاحبه على أن لا يرمي عليه قاتله تهمة الجبن والخوف..
ذكرت تلك البيت التي قتلت الشاعر أبو الطيب المتنبي: “الليل والخيل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ” وذلك عندما كاد ينجو من عصابة قطاع الطرق أستفزه القاتل بتذكيره بهذا البيت فعاد شاعرنا وقاتل وقتل .. آثر الموت على أن ينجوا ويكون جبانا لتصير هذا البيت من الشعر قاتل لقائله..
وجميعنا آثر الموت عن النكوص أو الرجوع.



